رأي

الأقليات.. ودورها في المجتمع

لبنان عربي – نبيل عرابي

إن الحديث عن دور الأقليات السياسية الناشطة في المجتمعات الساعية إلى التغيير، وإلى الخروج من الأنفاق المظلمة التي تراها في ظل نظام حكم ما، أو سيطرة سلطوية لجهة سياسية، تتحكّم برِقاب الناس وتستغلّهم لمصالحها، ولضمان استمرارها في المواقع الأساسية والحساسة من تركيبة الدولة الرسمية، يحتمل وجهات نظر متعددة ومتداخلة فيما بينها حول هذه الأقليات ودورها، وما يمكن أن تحققه طالما هي أقلية لا أكثر.

منها ما يقول، بأن الأقلية هي عنصر توازن ضد طغيان الأكثرية، فالعدد ليس مهماً، بل الطاقة على المجابهة في الصراع هي المهمة، وهذه الطاقة قد يكون لها من الإيحاء والتأثير ما يجعلها خلّاقة، لأنها بالنسبة إلى الأكثرية كالفرد بالنسبة إلى العدد، فتستطيع أن تحوّر من تخطيط هذه الأخيرة ومسلكيتها، وأن تغيّر من آرائها وأساليبها في العمل والتفكير.

ومردّ ذلك بالتأكيد، إلى المعيار والتصوّر الذي تكوّنه الأقلية عن ذاتها، من خلال العمل التنظيمي المتمتّع بالوعي القادر على صياغة وجودها بشكل منسجم، حيث يرفض المساومات ولا يقبل بالتنازلات ويحسن استغلال المواقف التي تجعله يتوضّح ويبرز إلى العلن بشكل أكبر.

وهناك وجهة نظر أخرى، ترى أن كل أقلية تدخل أكثرية دون مقاومة، لا تؤدي إلى أي تغيير أو إثراء. وأن نجاح أقلية ما في فرض رؤيتها، يؤدي غالباً إلى انكفائها، وربما إلى تلاشيها، لأن الأكثرية لا تكتفي بفرض رؤيتها، بل تطلب من الأقلية اتّباعها تصرّفاً ووجداناً.

وهذاما يدفعنا إلى التذكير إلى بأن العلاقة الجدلية بين أكثرية وأقلية قائمة منذ زمن بعيد جداً، فكم من أقلية تحولت إلى أكثرية، والعكس صحيح أيضاً، لذلك علينا أن لا نستخف أبداً بما قد تحققه أي أقلية تناضل من خلال رؤى موضوعية وثوابت تاريخية، تعتبرها النقاط الأساسية التي يجب البدء منها والسير وفقاً لتوجيهاتها، وصولاً إلى الحل المنشود، وأن لا نقتنع بأن حال أي أكثرية سيستمر على ما هو عليه، دون أن يأتي يوم تتغير فيه المعادلات السياسية، وربما.. تنقلب الأمور رأساً على عقب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى