بعد نتائج الإنتخابات التشريعية.. لا حكومة إسرائيلية دون عرب الـ48

لبنان عربي – سامر زريق
عندما أعلن دايفيد بن غوريون، ولادة دولة “إسرائيل”عام 1948، لم يتخيل هو وباقي النخبة المؤسسة للكيان الصهيوني، أن يأتي يوم ويصبح فيه مصير تشكيل الحكومة، رهن بموافقة العرب.!!
حقاً إنه مأزق سياسي كبير، في دولة أقر برلمانها في تموز من العام 2018، قانون “يهودية دولة إسرائيل”، الذي ينص على أنّ لـ “اليهود فقط الحق في تقرير مصير دولة إسرئيل”.
انتخابات تشريعية رابعة
فبعد، رابع انتخابات برلمانية خلال أقل من عامين، أظهرت الانتخابات التشريعية الاسرائيلية، بعد فرز 99 % من صناديق الإقتراع، حصول إئتلاف الأحزاب الذي يقوده رئيس الوزارء الحالي بنيامين نتنياهو على 52 مقعداً، (يضم أحزاب الليكود، شاس، يهدوت هتوراة، الحركة الدينية)، والمعسكر المنافس على 57 مقعداً، وهو يضم أحزاب يسارية ويمينية ووسطية معارضة لنتنياهو، كـ(هناك مستقبل، كاحول لافان، العمل، يسرائيل بيتنو، تكفا حداشا أي الأمل الجديد، ميرتس، القائمة الموحدة)، فيما حصل إتحاد أحزاب اليمين “يمينا” (وسط) على 7 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية) على 4 مقاعد.
في حين يحتاج تشكيل الحكومة الى الحصول على تأييد 61 مقعداً. الأمر الذي يعني، أنّه وفي حال حصل نتنياهو على تأييد إتحاد أحزاب اليمين بقيادة نفتالي بينيت (7مقاعد)، لن يستطيع تشكيل الحكومة.
نتنياهو يغازل العرب
المثير، أنّ نتنياهو قام بإستجداء أصوات عرب 1948 خلال حملته الانتخابية، بعد أن كان يزدريهم ويتجاهل مطالبهم لسنوات خلت. فهو قام بحملة غير مسبوقة لمغازلة العرب، الذين يشكلون 21% من سكان دولة “إسرائيل”، وتنقَّل بين البلدات العربية، مروجاً لحملة التطعيم ضد “كورونا”، ولخطط مكافحة الجريمة في المدن العربية، متحدثاً عن حقبة جديدة في العلاقات “اليهودية – العربية” .
ووصل به الحال الى إحتساء قهوة عربية في بعض التجمعات البدوية. لكن كل ذلك لم يجدِ نفعاً، وإن حصد بضع مئات من الأصوات العربية، ولم تنجح جهوده في حصد مقعدين أو ثلاثة كما كان يخطط بأصوات العرب.
لا حكومة الا بالتحالف مع العرب
وبعد أن كان يُنتَظر، أن تحسم الانتخابات الرابعة الإنقسام الحاد على الساحة السياسية، إذ بها تعمقه أكثر. فمع ظهور النتائج الأولية، وحصول القائمة العربية الموحدة على 4 مقاعد، تعد بمثابة “بيضة القبان” التي ستحسم هوية الفريق الذي سيشكل الحكومة، بدأت حملة غزل يقوم بها قياديون في أحزاب مختلفة تجاه “منصور عباس” رئيس القائمة الموحدة. يقول الأخير أنه “ليس في جيب أحد”، وأنه “سيفاوض المعسكرين”، ومن يتجاوب أكثر مع مطالبه سيتحالف معه. وقد أبدى عباس إستعداده “لمنح الائتلاف الحكومي (الذي سينضم اليه)، شبكة أمان خارجية مقابل تلبية إحتياجات العرب”.
يأتي في طليعة مغازلي عباس، شخصيات من معسكر نتنياهو، أبرزهم وزير شؤون الإستيطان، تساحي هانغبي، أحد المقربين من رئيس الحكومة، الذي رحب بتصريحات “عباس”، وقال أنّه “لا يرى مشكلة في التحالف مع من يمثل المواطنين العرب”.
كما كتب رئيس حزب “زهوت” موشيه فيغلين، الذي إنشق عن “الليكود”، وهو من معارضي نتنياهو، في صفحته على الفايسبوك: “رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس يستحق في نظري أكثر بكثير مما تستحقه رئيسة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي أو أفيغدور ليبرمان، عباس أحلى من العسل”!، وختم فيغلين بعبارة لها دلالات كثيرة، “لقد أردتم دولة إسرائيلية بدلاً من دولة يهودية فحصلتم عليها، هيا منصور”.
الصهيونية الدينية ترفض التحالف
في مقابل الكلام المؤيد للتحالف مع القائمة العربية الموحدة، صدرت تصريحات عن قادة بعض الأحزاب اليمينية المتشددة، في معسكر نتنياهو، تحذر من هذا التوجه، وتهدد بالإنسحاب من التحالف.
أبرز هؤلاء، رئيس حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموترتش، الذي أعرب عن رفضه وبشكل قاطع لأي تعاون مع الحركة الإسلامية، معتبراً “التحالف معها نهاية للحركة الصهيونية، وقال أنه “لا يوجد أية إمكانية لأن نوافق على المشاركة في إئتلاف حكومي مع هذه الحركة (الإسلامية)، لا في الحكومة ولا خارجها، ولا حتى بالإتفاق معها على الإمتناع عن التصويت ضد تقييد نتنياهو”.
وقال شريكه “إيتمار بن غفير” أن “الإخوان المسلمين” حركة عنصرية، نحاربها وتحاربنا، لها فرع في غزة هو “حماس”، وفرع في إسرائيل هو “الحركة الإسلامية” بقيادة “منصور عباس”! لذلك لا تحلموا بتشكيل حكومة تستند إليها.
نحو انتخابات خامسة؟
في موازاة ذلك، تجري محاولة لإستغلال الصراعات في معسكر نتنياهو، لمحاولة تشكيل إئتلاف يضم كل الأحزاب خارج معسكره، بما في ذلك حزبي “يمينا” و”ميرتس” اليساري، وقد تواصلا مع عباس مقترحين تشكيل حكومة بشراكة حقيقية معه!
فهل تنجح جهود نتنياهو في جمع المتطرفين في معسكره، مع القائمة العربية الموحدة، في إئتلاف حكومي يتولى تشكيل حكومة جديدة؟ أم أن الحركة الاسلامية ستذهب للتحالف مع خصوم نتنياهو فتقلب الطاولة في وجه الأخير وتبعده عن رئاسة الحكومة؟ وما هي ردود أفعال الإسرائيليين في كلا الحالتين؟ وهل ستزداد حالة الإنقسام أكثر فأكثر على الساحة السياسية، وتدفع بإتجاه إنتخابات تشريعية خامسة؟