التقارب المصري _ التركي: الإخوان في امتحاناتهم المستمرة

لبنان عربي – عبد الرحمن المحمد
على وقع الغزل المصري – التركي ومحاولة طي صفحة السنوات الثماني الماضية بين النظامين الحاضرين بقوة في المشهد الإقليمي كل حسب وزنه وقدراته، يعيش تنظيم الإخوان المسلمين المصري منه والعالمي مرحلة حساسة من حيث إنسداد الأفق السياسي وإحراق المراكب مع أنظمة الحكم العربية الملكية والعسكرية.
فالإخوان وإلى هذه اللحظة لم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن وجهة نظرهم للحوار القائم بين الدولة المضيفة لهم أي تركيا وبين النظام المصري الذي يصنفهم كجماعة إرهابية ينكل بأولادهم ويسجن الصفوف الأولى من قيادتهم، فيما المنفى الجبري بات ملاذاً آمناً لآلاف العائلات المصرية بين إسطنبول ولندن وكوالالمبور.
التقارب يعيد الإعتبار للسياسة
يرى الناشط السياسي المصري محمد هدهود في حديث لـ”لبنان عربي” أن:” ما يجري بين تركيا ومصر يعيد الإعتبار للسياسة، كشيء يتجاوز الإستخدام الفج لأدوات القوة المادية المباشرة ضد الخصوم، بعد سنين من طغيان هذا التصور المبتذل والمدمر على الأنظمة السياسية التي سحقت الثورات باستخدام تلك الأدوات متسببة في خسائر كارثية لبلدانها، وعلى القوى الثورية التي فقدت اتزانها سريعاً جداً ودخلت في معارك انتحارية غير محسوبة”.
ويتابع:” سبع سنين من حرب الجميع ضد الجميع بخسائر للجميع انتهت بلا انتصارات نهائية ولا هزائم نهائية، وها هم الجميع في الأخير يذهبون إلى تسويات متتالية”.
قيادي اخواني يعترف: نحن مصابون بإنعدام الرؤية وغياب البراغماتية
يروي قيادي إخواني مصري سابق لـ”لبنان عربي”، كان استقال من الإخوان مطلع العام 2017 -رفض ذكر اسمه- أن “الإخوان يواجهون اليوم أزمة مزدوجة الأولى في عدم مواكبتهم للحوارات الدائرة في المنطقة والتي كانوا أحد أبرز قوى النزاع فيها في العقد الماضي، والثانية أن القيادة الإخوانية المصرية مصابة بمرض عضال يسمى “انعدام الرؤية وغياب البراغماتية”.
وبحسب القيادي السابق فإن التنظيم المصري “يعاني من صراعات كبيرة وأساسية بين ثلاثة تيارات الأول هو التيار الراديكالي والمقتنع أن الحل لازال إلى اليوم في اسقاط النظام العسكري ويرفض أي مساعي للحوار لكنه غير مؤثر سوى على وسائل التواصل الاجتماعي، والثاني وهو تيار براغماتي يرى أن الخسارة تحتم التنازل وخاصة أن هناك آلاف المعتقلين وآلاف المنفيين ويجب أن لا يلقوا مصير أجدادهم وقادتهم السابقين وأن سردية المحنة هي سردية معنوية لا تعالج المشاكل ولا تحل الأزمات، فيما التيار الثالث هو التيار القيادي والذي يعيش حالة انفصام ويريد معالجة مشاكل الحاضر بأدوية الماضي المنتهية الصلاحية”، كما يقول لـ”لبنان عربي”.
مبادرات قديمة فشلت
ويكشف أن “مجموعة مبادرات بدأتها أطراف عدة منذ العام 2015 لحل الأزمة مع الإخوان، الأولى دولة قطر وكادت أن تؤدي إلى انفراجة مع النظام لأن النظام كان لا يزال يعاني من عدم قدرته على الإمساك بالبلد وخاصة أن الإخوان تيار متجذر في الشعب المصري ولا يمكن حتى اليوم انهاءه لكن تم افشال هذا المسعى من قبل الإمارات والتي ضغطت على الإدارة في القاهرة لافشال التسوية”.
والثانية كان يعمل عليها رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي مع السعوديين والتي التقى لأجلها في رمضان العام 2016 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وطرح عليه أن تعالج المملكة كزعيمة للمسلمين في العالم الأزمة وأن “تعيد المصريين إلى ديارهم وأن ترعى المملكة مصالحة وطنية مصرية مقابل أن يقدم الإخوان ضمانات بعدم الدخول في المشهد السياسي المصري في المرحلة القادمة، ووعد الملك حينها الغنوشي بتبني الموضوع وتمت متابعة بعض تفاصيلها مع ولي العهد السعودي آنذاك محمد بن نايف لكنها اصطدمت حينها بعثرات الأولى إماراتية والثانية هي عدم قبول المكتب الخارجي للإخوان باعطاء أي تعهد بوقف الأنشطة السياسية”.
وبحسب القيادي المستقيل من الإخوان فإن القيادة الخارجية للجماعة تلقت اتصالات من وسطاء بعد استشهاد الرئيس محمد مرسي بضرورة الحوار وتم التأكد من أن “الرسائل يقف خلفها نظام السيسي لكن تم الإطاحة بالمبادرة وخرج نائب المرشد العام إبراهيم منير متباهياً برفضه للحوار وأن الحلول ستكون مواجهة السيسي وليس الحوار على عودة آمنة”.
الحوار التركي-المصري مهم ولا تعويل على بايدن
وعن التقارب المصري مع تركيا يقول القيادي السابق لـ”لبنان عربي” أن:” الحلول المطروحة جيدة وتحديات الدولتين مشتركة في المنطقة وعالمياً بحيث أنه مطلوب انشاء تحالف عربي تركي لمواجهة تبعات أي اتفاق أميركي-إيراني على حساب العرب والمسلمين”.
ويتابع: ” ان تحويل النقاش باتجاه اغلاق قنوات الإخوان هو دليل على عدم جهوزية الإخوان والمعارضة للنقاش وأن كل ما طلبته أنقرة هو تخفيف وتيرة الهجوم لأن الحوار بين الدولتين مفيد لتركيا وسينعكس ايجابياً على المصريين والإخوان، وهذا حق مشروع لتركيا والتي أمنت لنا استضافة وتبنت مواقفنا”.
وبحسب القيادي السابق فإن “الإخوان أمام امتحان سياسي يكشف قدرتهم على اتخاذ قرارات مصيرية غير مبنية على العواطف وسردية المحنة والصمود والتي دفعت بالإخوان نحو مهالك وخسرنا خلالها خيرة شباب مصر نتيجة قرارات غير صائبة”.
وحول التعويل على الإدارة الأميركية الجديدة مع جو بايدن يسخر الرجل من بعض المعولين على الإدارة الديمقراطية ويعتبر أن “الإخوان ذبحوا وأسقطت تجاربهم في عهد أوباما الديمقراطي حين كان بايدن على يمينه ويشرف له على ملفات المنطقة ، لذا فيجب فتح قنوات تواصل مع الأميركيين وليس التعويل عليهم”.
ويكشف لـ”لبنان عربي” أن: “الإخوان تواصلوا مع نواب في الكونجرس من الحزب الديمقراطي بعد فوز بادين وسمعوا كلاماً واضحاً: عليكم تغيير الأدوات وطمأنة العالم وفتح صفحة جديدة قائمة على تجارب حديثة في السياسة والذهاب نحو التواصل مع كل الدول واثبات قدرتكم على تغيير نهجكم حتى يصار إلى التعامل معكم كقوة سياسية وطنية”.