صوان… عاد لينتقم

لبنان عربي – جواد العلي
يبدو جلياً ان القاضي فادي صوان يشعر بالمرارة الشديدة، جراء تنحيته عن التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت. فالرجل “عاد” الى وظيفته الأساسية وهي قاضي التحقيق العسكري، وقلبه “عامر” برغبة الإنتقام من السياسيين.
وبدأ “ينكش” في الملفات المكدسة في الجوارير، فعثر على أخبار ضد مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، تقدم به القاضي الذي استُقيل بيتر جرمانوس منذ سنة على خلفية منح الأول رخص حفر آبار إرتوازية.
منذ الأسبوع تقريبا طلب صوان من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكري القاضي فادي عقيقي الإدعاء على اللواء عماد عثمان، وسارع الى تحديد جلسة للاستماع اليه “كمتهم” في التاسع من الشهر الجاري، وهو الذي كان يتذرع بالكورونا لتأجيل جلسات الاستماع الى المتهمين والشهود في قضية مرفأ بيروت.
ومع انه هو نفسه من أصدر قراراً منذ عام بمنع المحاكمة عن اللواء عثمان في القضية عينها، الا انه اليوم قرر ولأسباب خاصة به الرجوع عن قراره السابق وتفعيل القضية.
لكن اذا كانت رغبة صوان بالانتقام لماذا قرر البدء بعثمان؟
يريد صوان من خلال ما اقدم عليه توجيه “لكمة” قضائية انتقامية للرئيس الحريري، حيث يعتبر ان الأخير قاد حملة سياسية منحت رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب حصانة طائفية تلطى خلفها للتهرب من المثول امامه، وفتح الباب على مصراعيه امام الوزراء والنواب الذين شملتهم استداعاءاته للتلطي خلف مرجعياتهم واحزابهم، وبالتالي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ومهدت لتنحيته عن قضية المرفأ.
ولأن العماد عثمان من الموالين للحريري، ولأن بينه وبين المؤسسة القضائية جبال من الخلافات، ولأن بين يدي صوان ذريعة جاهزة، كان عثمان بداية الغيث.
وصلت رسالة صوان الى الحريري، فرد التحية بأحسن منها، حيث أعطى الإشارة لصدور بيان شديد اللهجة من تيار المستقبل. وكان لافتاً في البيان اتهام جرمانوس بالفساد مباشرة وان استقالته كانت بسبب فساده.
الم يضع صوان في حسبانه الحماية الحريرية لعثمان؟
كان صوان يتوقع أن يصدر عن الحريري ردة فعل قاسية، وهذا ما يريده بالضبط، فهو من خلال هذه القضية يريد توجيه أصابع الاتهام ولو بشكل غير مباشر الى الحريري كونه “الراعي” السياسي لعثمان، وأنه يتحمل مسؤولية فساد الأخير (حسب الاتهام الموجه اليه).
كما أن صوان يدرك أن وزير الداخلية لن يمنحه الإذن لملاحقة عثمان، لذلك لم يطلبه اساساً. وبالتالي فانه يرمي الى تحويل القضية الى قضية رأي عام. ففي الوقت الذي تلهج به ألسنة اللبنانيين باتهام السياسيين بالفساد وتحميلهم مسؤولية ما يعانونه من ازمات متلاحقة، يقدم لهم هذه القضية على طبق من فضة، ويفسح المجال امام حملة شعبية ضد الحريري “الفاسد” و”حامي الفاسدين” .
القضية بحد ذاتها جدلية وذات أبعاد شخصية، فالإخبار تقدم به بيتر جرمانوس بدافع شخصي، لما يعتمل في قلبه من مشاعر كراهية تجاه قوى الأمن وفرع المعلومات تحديداً الذي كان السبب في احراجه ومن ثم اخراجه من عرشه القضائي، عندما كشف عن قضية فساد بعض القضاة وجرمانوس واحد منهم. واليوم يتابع فادي صوان القضية بدافع شخصي ايضاً، فلو كانت القضية تهدف فعلاً لمحاسبة الفاسدين، لما طوى صوان ملفها منذ اكثر من عام وركنها في جارور مكتبه.
ما يفعله اليوم القاضي فادي صوان يؤكد أحقية الشبهات التي طالته، وان تهمة الإرتياب المشروع التي وجهت اليه، وكانت السبب في كف يده عن التحقيق في قضية المرفا كانت محقة.
فعندما تتحكم النوازع الشخصية بسلوك القاضي كيف يمكنه تحقيق العدالة؟؟