الرئيسيةرأي

عن سليم عياش الذي قتلته مظلومية رفيق الحريري وابرياء سوريا

لبنان عربي – مصطفى العويك

قُتل سليم عياش أو لم يقُتل، الأكيد أن مرحلة كان يتسيدها وزمرة من اصحابه باتت في أروقة الماضي، القديم الذي لا يُنسى والمُستقبل الذي سيؤسس على تداعيات أحداث وأزمات ما مضى من سنوات.

غير “السليم” في عقله وفكره لم يعرف يوما طعم “العيش” الا متخفيا، وهي سمة القاتل الهارب من محكمة الأرواح وعدالة الأرض، لكنه الساكن دائما عدالة السماء التي لا يمكن لأحد ان يتذاكى عليها لا بزي ولا بلون ولا بهوية او جواز سفر… انها سنة الحياة، وسنة الله في خلقه، بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.

قد يقول البعض ان الوقت ليس مناسبا للحديث عن مقتل القاتل، والعدو المتغطرس يقتلنا كل يوم ألف مرة في فلسطين ولبنان، ربما يجد هؤلاء عذرا لهذا، او يمارسون هروبا نحو الأمام فيتجاوزون جريمة كجريمة رفيق الحريري لأجل البلد وأمنه ووأدا لفتنة ما أشعلها الا عياش ومن معه، ونحن نتفهم ذلك بطبيعة الحال، لكن ليسمحوا لنا بعد عشرين عاما على الجريمة ان نؤكد المؤكد: عند الله لا يضيع حق مظلوم.

فنحن لا يتملكنا الفرح، ولا تسيّرنا الشماتة، ولسنا ممن يلوذ بعدوه الطاغية ليتحرر من خصمه القاتل، لكنها السيرورة والمآلات، ودم رفيق الحريري لم يجف حتى اليوم، وقاتله الحاقد أُمهل ولم يُهمَل، حتى أتاه الأجل في البلاد التي أمعن فيها الدمار والخراب والقتل والتنكيل، وكل ضحاياه أبرياء مسالمين، جريمتهم الوحيدة ان هويتهم “عربية سنية”، وعقيدتهم “نقية صافية”، لا تقية فيها ولا رجعة.

قتل عياش الذي أحسن استخدام الهاتف، في جريمة العصر بعد اتقان التخطيط وبعده التنفيذ، مع أقران له في الحقد والتخريب، وعشق الدم، وهو دم براء منه الحُسين ومن اتبعه عن حق لا باطل، فلا الثارات هوية للحسين، ولا الحسين يثور على من أحبه وأقر بمظلوميته وآمن بنقاء خروجه، وعدّه سيد شهداء أهل الجنة.

وعياش ومن ماثله، لا يمتون للحسين بصلة، انما هم أقرب الى عبيد الله ابن زياد وذي الجوشن، والى كل قاتل سقى نفسه من دماء الآخرين، وكل ساق سيسقى بما سقى ولا يظلم ربك احدا.

وليس من مدعاة الشرف ان تقتلك اسرائيل، ان كنت قتلت الموحدين الأبرياء، انما يُضرب الظالمون بالظالمين، ويَخرج من بينهم من يريد الله له ان يخرج سالما معافى، وان مات أبقي ذكره بين الناس، فيحيا وهوميت، وتنزل عليه الرحمات تترى.

وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون…

غداً توفى النفوس ما كسبت    ويحصد الزارعون ما زرعوا

 

إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم   وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا*

 

 

  • من قصيدة “التبصرة”، للامام ابن الجوزي رحمه الله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى