تقارير

الحرب الروسية الأوكرانية بلغة العرب..تنمّر وسخرية!

لبنان عربي – إبراهيم نشابة

قبل لحظاتٍ من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، كانت الشعوب العربية حليفة للروس وعاشقة للأوكران، الى أن ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شاشة التلفزيون معلناً أنّ روسيا لا تستطيع أن تشعر “بالأمان والتطور” بسبب ما وصفه بالتهديد المستمر من أوكرانيا الحديثة. فشعر العربي أنه في حالة انفصام بين الحب والجنس والشعور التام بالثقة والأمان. فكانت المقاربة اللا علمية واللا أخلاقية في التعامل مع الحرب، أي بالتعامل مع الشعبين الروسي والأوكراني، حيث تصدرت السخرية والعبارات الهزلية والنكت مواقع التواصل الاجتماعي، لتتخطى بدورها كل المواضيع وتتصدر القراءة الأولى في كل الصفحات التواصلية.

فبينما كانت المطارات والمقار العسكرية  تتعرض للقصف بالقرب من المدن في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك مطار “بوريسبيل” الدولي الرئيسي في العاصمة كييف، كانت الخطابات العربية تتراوح بين فتح الحدود واستقبال اللاجئات الأوكرانيات، على أن تُفتح لهم المنازل والقلوب عوضاً عن المخيمات.

وبينما كانت تتوغّل الدبابات والقوات الروسية في الشمال الشرقي من أوكرانيا، بالقرب من مدينة خاركيف، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة، وفي الشرق بالقرب من لوهانسك، كما من بيلاروسيا المجاورة في الشمال، ويتمّ إنزال القوات الروسية في مدينتي أوديسا وماريوبول الكبريين جنوبي أوكرانيا، كان مئات الملايين من العرب يراسلون بعضهم بعضاً بالأفلام الإباحية الروسية والأوكرانية، والفيديوهات القصيرة للنساء الأوكرانيات والروسيات وهنّ يرتدينَ اللباس العسكري ويشارِكْنَ في الدفاع عن بلادهن.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس بوتين أن هدفه من العملية العسكرية هو حماية الأشخاص الذين “يتعرضون للتنمّر والإبادة الجماعية”، وأنه يسعى إلى “نزع السلاح والأفكار النازية” من أوكرانيا، وصل التنمّر من الشعوب العربية الى أقصى درجاته اللا إنسانية واللا أخلاقية بحقّ النساء الأوكرانيات والروسيات، حيث تمّ اختصار مجتمع بأكمله بلغة الجنس والدعارة وبنات الهوى.

أين التحليل السياسي العربي؟ أين هي لغة العِلم والمقاربات الاقتصادية والجيوسياسية والاستراتيجية؟ من هم العلماء العرب والمفكرين والباحثين الذين قاربوا الحرب من منطلق الرعب الاقتصادي والإرتفاعات المؤلمة والكارثية في أسعار الغاز والنفط المرتفعة بالفعل في البلدان التي تتراكم فيها الأزمات؟

كيف عالج العرب الحرب من منطلق المقاربة التاريخية النقدية، واستعادة ما شهِده العالم في الحرب الباردة التي بدت ذات يوم من بقايا التاريخ، وها هي اليوم تعود بقوة، ممّا يخلق مواجهةً جديدةً محفوفةً بالمخاطر بين الولايات المتحدة وروسيا، أكبر قوتين نوويتين في العالم؟

نحن أمام حرب قد تغير وجه العالم، وقد تقلب النظام العالمي والاقتصادي رأساً على عقب، وهو ما يفرض علينا أن نعود الى رشدنا الأخلاقي، وإرثنا الفكري والثقافي، ونتعامل مع الأزمات بالأساليب العلمية والمعرفية، لا كما قال ابن خلدون في مقدمته: “إذا رأيت الناس تُكثر الكلام المُضحك وقت الكوارث فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة كمن يُساق للموت وهو مخمور”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى