رأي

إستثمار “كورونا” لتعزيز ثقافة “التشحيد”!

لبنان عربي- جانو بركات

“الاستاذ غسان الأرو وكل عائلته أطفالاً، كهولاً، وشباباً غير مصابين بفيروس كورونا” وزّع أهله الخبر في زغرتا وعلى كل وسائل التواصل الاجتماعي، مع صور الفحوصات الصادرة عن مستشفى هيكل في شمال لبنان، للقول جهاراً “نحن غير مذنبين، ولم ننقل فيروساً ولسنا مصابين به”.

أتى ذلك في خضم حملة اعلامية تبرّىء وزارة وتدين أفراد.

قال الاعلامي مالك الشريف في اتصالٍ هاتفي مع الاستاذ غسان الأرو حرفياً:” ان شاء الله اهلك ما يكونوا ضحيتك”، ضارباً بعرض الحائط كل الاعتبارات الإنسانية التي تؤكد أن بثّ الخوف في نفوس الأصحاء يخفف من مناعتهم فما بالكم بمريضٍ مفترض؟

للتذكير، الاستاذ غسان الأرو أستاذٌ في مهنيةٍ في شمال لبنان وكان قد خالط استاذا آخر أصيب بفيروس كورونا وتوفي. على الأثر أجرى الفحوصات اللازمة في مختبرات مستشفى رفيق الحريري، وأتت النتائج ايجابية، لكن متى؟ بعد أكثر من عشرة أيام على إجرائها ما يرسم العديد من علامات الإستفهام على أسباب تأخر ظهور النتيجة، بعد ذلك سارع الأرو لإعادة الفحص في مستشفى هيكل شمال لبنان هو وكل عائلته وقد اتت النتائج بعدها سلبية!!. لماذا؟ وكيف؟ لا أحد يدري؟ النتيجة: هلع كبير في زغرتا.

في المقابل، تقوم الوسائل الاعلامية كافةً بحملة اعلامية توعوية تحثّ الناس على البقاء في المنزل وهو أمرٌ مطلوب، ضروري وأساسي فالمقاربة التشاركية التي تحاول الحكومة جاهدةً تطبيقها هي المقاربة الأنجع. نعم المسؤولية تقع على الحكومة والناس. ولكن مهلاً مهلاً، هل يمتلك الجميع رفاهية البقاء في المنزل؟ كيف يطعم  المياوم عائلته؟ ماذا عن سائق الأجرة؟ بائع القهوة المتجول؟ نسأل، وتصرّ الحكومة على سياسة النكران فاتحةً الباب امام الاعلام لإدانة الفقير وامام الاحزاب والهيئات والمتمولين على اعتماد سياسة “التشحيد”. بعض اعاشاتٍ من هنا، كيس دواءٍ من هناك في ظلّ غياب الدولة وأركانها عن معالجة الموضوع المعيشي.

أعطت الحكومة المحلية مسؤولية ادارة الازمة محلياً لبلدياتٍ تعاني ضائقة مادية أساساً، كما وأزمة ثقةٍ مع مجتمعٍ أصبح ينظر لها على انها وكر فسادٍ. ماذا فعلنا؟ نستغل الفرصة الذهبية يومياً لمحاولة إضعاف القطاع العام والدولة وبدل تزويدها بأسلحة مواجهة ندأب على استخدام اسلحةٍ فردية تقوّي السياسيين والمتمولين والهيئات وتضعف الإدارة العامة أكثر وأكثر.

صحيح ان كورونا فيروس خطر هو لم يفتك بالبشر فقط بل كشف عورات نظامٍ اعتمد سياسة ترقيعٍ  لا تستطيع مواكبة الازمة من نواحيها الإنسانية والاقتصادية والصحية مجتمعةً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى