
لبنان عربي – متابعات
مع اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، أغلقت البنوك الفلسطينية جميع فروعها في القطاع، وتوقفت جميع عمليات السحب والإيداع، ومنذ ذلك الوقت لم يدخل إلى غزة أيّ أوراق نقدية من إسرائيل.
والعملة المتداولة في فلسطين هي الشيكل، وتعتمد البنوك الفلسطينية على تمويل البنك المركزي الإسرائيلي لها بالعملات الورقية.
وفي الشهر الرابع للعدوان، دمر جنود الاحتلال ماكينات الصرافة الآلية وسرقوها، وسرقوا مخزون التجار والأغنياء من النقود، كما سرقوا خزائن البنوك في شمال غزة، وقاموا بتدمير عدة فروع للبنوك في مختلف محافظات القطاع، خصوصا فروع البنك الوطني الإسلامي وبنك الإنتاج، التابعين لحركة حماس.
وعليه بات الحصول على العملات الورقية من الشيكل والدولار الأمريكي والدينار الأردني شبه مستحيل.
وظهر تجار العملة الذين يبتزون الناس بالنسب المئوية للصرف، حيث وصلت نسبة الصرف إلى (20٪) في شمال غزة، وتتراوح من (8٪ – 17٪) في مناطق جنوب القطاع. حيث لا يمكن للموظفين صرف رواتبهم من البنوك فيتوجهون إلى تجار العملة من أجل الحصول على النقود “كاش” ويتم استغلالهم بصورة بشعة.
حاجة الناس للنقود بعد أشهر من الحرب، بعدما نفدت الأموال التي كانوا يحملونها أو التي خزنوها نقداً، دفعتهم للسحب من أرصدتهم البنكية عن طريق تجار العملة أيضاً.
يقول أحد المواطنيين الغزاويين: “يعتمد الناس هنا على تدوير الأموال نفسها في الأسواق، يعني أنا اليوم أملك مبلغا من المال أقوم بالشراء به، غداً المبلغ نفسه يذهب لشخص آخر ثم لآخر ثم يعود إلي عبر عملية معقدة من البيع والشراء، فليس لدينا خيارات أخرى، وكان مؤخراً قد انتشرت الأوراق النقدية القديمة في الأسواق والتي يرفض أغلب البائعين التعامل معها على خِلاف مناطق جنوب القطاع”.
في حين يقول باسل السلطان، وهو مسؤول عن توزيع المساعدات في شمال غزة، أن “المتبرعون يقومون بإرسال الأموال لنا عبر حساباتنا على البنوك الفلسطينية، ولكننا نجد صعوبة كبيرة في الحصول على هذه الأموال من أجل شراء وتأمين الطرود الغذائية والمواد اللازمة للتكيات، مما يضطرنا أحياناً للتعامل مع تجار الصرافة الفاسدين».
ويتحدث عن حل آخر وهو التحويل البنكي، أي الدفع عبر تحويل النقود بنكياً من خلال تطبيقات البنوك على الهواتف الخلوية، وهو ما يسهل عمليات الشراء.
يضيف السلطان: “حسابات المبادرين الذين يعملون على تقديم خدمات ومساعدات للناس، مليئة بالأموال، لكن لا يمكنهم الحصول عليها نقداً من أجل توفير وشراء المساعدات وتقديم الخدمات للنازحين وغيرهم، مما يصعّب عليهم وعلى المحتاجين حياة الحرب والنزوح، فنُدرة الأوراق النقدية سببت الكثير من العوائق في طريق تقديم الخدمات”.
في المقابل، يقول عائد الخزندار، أحد موظفي البنوك في القطاع: “الاحتلال يرفض دعم قطاع غزة بالعملات الورقية، كنوع من العقاب الجماعي الذي يمارسه ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ضمن حربه المسعورة على كل شيء حي في هذه البقعة”.
ويضيف: “عادةً عملية تدوير النقود من المستهلك للتجار للصرافين للبنوك تعود إلى البنك الإسرائيلي المركزي، ومن جهته يقوم بإرسال واستقبال النقود الورقية من وإلى البنوك الفلسطينية، كعمليات السحب والايداع”.
ويكمل: “لكن بسبب الحرب توقفت هذه العمليات منذ أكثر من تسعة أشهر، فليست هناك سيولة نقدية في فروع البنوك العاملة في القطاع، وخصيصاً بعد تعرض عشرات الفروع للقصف والتدمير والسرقة، واليوم يقوم التجار الفلسطينيين بإيداع مبالغ نقدية ليست كبيرة من أجل شراء بضائع من الضفة الغربية والداخل المحتل.
وبدورها تقوم البنوك بتصريف هذه السيولة عبر فروعها العاملة في مخيم النصيرات إلى المواطنين، ولكنها لا تكفي 2٪ من حاجة المواطنين والموظفين، فهناك طلب دائم ومستمر على السيولة لحاجة الناس سد احتياجاتهم اليومية، وحسابات الآلاف من الفلسطينيين مليئة بمالغ كبيرة من الأموال ولكنهم لا يستطيعون الحصول عليها او حتى على جزء منها”.
وتعتبر مشكلة السيولة و”الكاش” أحد أهم مشاكل قطاع غزة بعد أشهر من الحرب على القطاع، وذلك بسبب حاجة الناس اليومية للنقود من أجل احتياجاتهم، وبسبب صعوبة تخزين الطعام والبضائع بسبب النزوح المتكرر وعدم وجود الكهرباء، يجعل الناس في حاجة يومية لشراء الطعام والبضائع واستهلاك يومي أضعاف الأيام العادية.
بالإضافة لاستغلال التجار حاجة الناس ورفع أسعار البضائع، خصيصاً بعد عملية رفح منذ اكثر من شهرين، حيث تقلّصت المساعدات بشكل كبير جدًا، بعد اعتماد آلاف العائلات على هذه المساعدات المجانية والتي توقّفت مؤخراً.