لبنان عربي – سعاد عبد القادر القصير
“علّي علّي
بطل فليد
هيا طر يا غريندايزر..”
وطار “غريندايزر” من قلب “الأنمي” اليابانيّ، ليسكن جداريّات بيروت وطرابلس على يد فرقة “أشكمان”، وهي فرقة لبنانيّة آمنت بقضايا غريندايزر التي حفرها في عقول النّشء اللبنانيّ ووجدانهم، هذا البطل الذي تربّع على عرش الذّاكرة، لنبحث عنه بين أوجه المسؤولين علّنا نجد بينهم بعضًا منه.
ولكن، جميعهم كانوا “فيغا”، احتلّوا أحلامنا وآمالنا، ودمّروا الأرض الخضراء التي زرعنا في تُربتها أمنيات مستقبل ممنوع من التّنفيذ.
غريندايزر لم يظهر إلّا في أروقة الشّوارع، جسّده الأخوين قبّاني في فرقة “أشكمان” حلمًا رافقهم منذ الطّفولة، بطل الحقّ والخير، بطل المستقبل المفعم برائحة الإنجازات والنّجاحات، هذه الرائحة التي لا يزال الشّباب اللّبنانيّ يشمّها عن بعد، يتبع أثرها في طريق مفخّخة بالتوتّر الأمنيّ، المحسوبيّات، والأزمات. وأيّ خطوة غير مدروسة قد تسبّب انفجارات تحرق أقدام المغامرين.
فشباب هذا الوطن مجرّد مغامرين، فدوق “فليد” دون مركبته الغريندايزريّة لا يمكن له أن يتصدّى لجيوش الاحتلال “الفيغيّ”، فمتى نبني “الغريندايزر” الخاص بنا لنواجه به الكائنات الحزبيّة التي تفشّت في جسد الوطن حتى أنهكته؟
فماذا عمّن بنوا مركبتهم واخترقوا بها صوت المستقبل المنشود في بلاد الاغتراب؟ لقد عرفوا أنّ جيوش فيغا المتغلغلة في شوارع لبنان لا يمكن التّغلب عليها، بعد أن سُلبت منهم أسلحتهم التي صقلوها في فكرهم وعزيمتهم منذ الطّفولة، فهربوا ليجدوا أسلحتهم بانتظارهم هناك، ليجدوا أرواحهم المسلوبة، ولكن ماذا عن العودة؟ هل يملكون هذا الحق في ظلّ الانكسار الذي يعيشه الدّاخل؟
إذ دائمًا ما يكون العدوّ الداخليّ أكثر تعقيدًا وشراسة من العدوّ الخارجيّ. فلو كانت الحروب تقتصر على الدّفاع عن الحدود ضدّ المحتلّ الصّهيونيّ لانتفض الشّعب يدًا واحدة، ولكن اليد الواحدة مقطوعة، والأصابع مبعثرة، والدّماء تروي خيبات أجيال متلاحقة.
ولا زلنا نقول هللويا! نحن أبناء الوطن.
ربّما جداريات غريندايزر تعيد لنا الأمل لنبحث من جديد عن البطل المنتظر، هذا البطل الذي تربّى في روح كلّ مؤمن بالوطن الحقّ، والمستقبل الحقّ، ربّما ينفخ فينا من روحه القتاليّة، فنعود لأرض المعركة شاربين بعض كؤوس الأمل، فلبناننا يستحق.